قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن هناك حاجة إلى مخرج من الطريق السريع المؤدي إلى الجحيم المناخي، مشددا على أنه حتى اليوم "نحن ندفع حدود الكوكب إلى حافة الهاوية، إذ نحطم أرقاما قياسية في درجات الحرارة العالمية ونحصد ما زرعناه".
جاءت تصريحات غوتيريش أثناء كلمته الخاصة حول العمل المناخي التي ألقاها اليوم الأربعاء في الفعالية التي احتضنها المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك.
وأشار إلى آخر البيانات الصادرة من مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للمفوضية الأوروبية والتي أظهرت أن أيار/مايو 2024 كان الأشد حرارة على الإطلاق، وهو ما يمثل 12 شهرا متتالية من أشد الشهور حرارة على الإطلاق.
وقال غوتيريش إننا "مثل النيزك الذي قضى على الديناصورات، نُحدث تأثيرا أكبر مما ينبغي. ففي حالة المناخ، لسنا نحن الديناصورات. إنما نحن النيزك. فلسنا فحسب في خطر، إننا نحن الخطر".
وأضاف "لقد حانت لحظة الحقيقة"، مشيرا إلى أنه بعد ما يقرب من عشر سنوات على اعتماد اتفاق باريس، فإن هدف الإبقاء على الاحترار العالمي على المدى الطويل في حدود 1.5 درجة مئوية "معلق بخيط رفيع".
وقال الأمين العام: "الحقيقة هي أن الانبعاثات العالمية ينبغي أن تنخفض بنسبة 9 في المائة كل عام حتى 2030 للحفاظ على إمكانية الإبقاء على الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية. لكنها بدلا من ذلك تنحو منحى خاطئا".
الفارق بين الانقراض والبقاء
وأكد غوتيريش أن هدف الإبقاء على الاحترار العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية لا يزال ممكنا إلى حد ما، مشددا على أن اللحظة الحاسمة في مجال المناخ قد حانت.
وعن أهمية حد 1.5 درجة مئوية، قال غوتيريش "يمكن أن يكون الفرق بين 1.5 درجة مئوية ودرجتين مئويتين هو الفرق بين الانقراض والبقاء على قيد الحياة لبعض الدول الجزرية الصغيرة والمجتمعات الساحلية. هو الفرق بين تقليل فوضى المناخ إلى أدنى حد وعبور نقاط التحول الخطيرة".
وأضاف أنه من الاستهزاء بالعدالة المناخية أن يكون من هم أقل مسؤولية عن الأزمة هم الأشد تضررا منها؛ وهم أفقر الناس، وأكثر البلدان ضعفا، والشعوب الأصلية، والنساء والفتيات. ونبه إلى أنه لا يجوز أن يكون العمل المناخي أسيرا للانقسامات الجيوسياسية.
"تمسكوا بحبل الأمل"
وحدد أمين عام الأمم المتحدة أربعة مجالات لاتخاذ إجراءات عاجلة، لا سيما خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة، أولها إجراء تخفيضات هائلة في الانبعاثات بقيادة كبار مصدري الانبعاثات.
وأكد أنه ينبغي لاقتصادات مجموعة العشرين المتقدمة "قطع أشواط أبعد وبوتيرة أسرع"، وإظهار التضامن المناخي من خلال توفير الدعم التكنولوجي والمالي لاقتصادات مجموعة العشرين الناشئة والبلدان النامية الأخرى.
أما مجال العمل الثاني فهو تعزيز أوجه الحماية في مواجهة فوضى المناخ اليوم وغدا، حيث قال غوتيريش إنه "لا يمكننا أن نقبل مستقبلا ينعم فيه الأغنياء بالهواء المكيف داخل أبراج محمية، بينما ترزح بقية البشرية تحت وطأة طقس فتاك في أراض لا تصلح للعيش".
وتحدث الأمين العام كذلك عن التمويل، داعيا إلى أن يكون النظام المالي العالمي جزءا من الحل المناخي. وحث أيضا على أن "نواجه مباشرة الجهات العاملة في صناعة الوقود الأحفوري". وقال: "أمامنا خيار. إما إيجاد نقاط تحول تؤدي إلى إحراز تقدم في مجال المناخ، أو الاتجاه إلى نقاط تحول تؤدي إلى كارثة مناخية".
ووجه الشكر إلى الشباب والمجتمع المدني والمدن والمناطق والشركات وكل من هم في طليعة العاملين نحو عالم أنظف وأكثر أمانا. وقال لهم: "أنتم على الجانب الصحيح من التاريخ. وأنتم تتحدثون بلسان الأغلبية. فاستمروا على هذا النهج. ولا تفقدوا شجاعتكم. وتمسكوا بحبل الأمل".