خمسة عناصر لتسريع تمكين المرأة في الاقتصاد
إنّ الاستثمار في المرأة يفيدها ويعود بالنفع على المجتمع ككلّ
خمسة عناصر لتسريع تمكين المرأة في الاقتصاد
23 فبراير 2024
إنّ الاستثمار في المرأة يفيدها ويعود بالنفع على المجتمع ككلّ. ومع ذلك، بالنّسبة الحاليّة للاستثمارات، ستظل أكثر من 340 مليون امرأة وفتاة في فقر مدقع بحلول عام 2030. وبات من الضروري أكثر من أي وقت مضى تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، كما يشير إلى ذلك موضوع عام 2024 لليوم العالمي للمرأة: "استثمروا في المرأة: سرّعوا وتيرة التقدّم".
ويحتاج العالم إلى 360 مليار دولار أمريكي إضافيّة سنويًّا للبلدان النّامية لمعالجة المساواة بين الجنسين في إطار أهداف التّنمية المستدامة.
وفي حين أنّ زيادة حصّة المرأة من الأصول والتمويل أمر حيوي لتحقيق تمكينها الاقتصادي، فإن بناء مؤسّسات تعزّز الاستثمار العام في السّلع الاجتماعيّة والتّنمية المستدامة أمر لا يقلّ أهمية.
وإليكم خمسة عناصر تضمن تسريع التّمكين الاقتصادي للمرأة:
الموارد
يمكن أن يساعد ربط النساء بالموارد الماليّة على تلبية احتياجاتهنّ الأساسيّة وبدء الأنشطة التّجاريّة أو تنميتها. ومع ذلك، تشير التّقديرات إلى أنّ الشّركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء على المستوى العالمي تعاني من نقص تّمويل يقدر بـ 1.7 تريليون دولار أمريكي. وإنّ سدّ الفجوة الائتمانية بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تملكها النساء قد يؤدّي إلى زيادة بنسبة 12 في المئة في الدّخل السّنوي في المتوسّط بحلول عام 2030.
وبالإضافة إلى الموارد الماليّة، تحتاج المرأة إلى الحصول على الأراضي والمعلومات والتكنولوجيا والموارد الطبيعية. في عام 2022، لا يزال 2.7 مليار شخص يفتقرون إلى الوصول إلى الإنترنت، ما يشكّل أمرا أساسيا للحصول على وظيفة أو تأسيس نشاط تجاري.
كما أنّ النساء أقلّ احتمالًا من الرّجال لامتلاك أو الحصول على حقوق مضمونة للأراضي الزّراعيّة في 87 في المئة من البلدان التي تتوافر فيها البيانات، على الرّغم من أنّ أكثر من ثلث النّساء العاملات يعملن في الصّناعات الزّراعيّة.
عندما تتمتّع المرأة بحقوق متساوية في الوصول إلى الموارد وامتلاكها واستخدامها، يمكنها الاستثمار في نفسها من خلال تحسين رفاهيّتها أو تعليمها أو تأسيس نشاط تجاري أو التصرّف بدخلها لبناء مجتمع يعمل لصالحها. على سبيل المثال، في العديد من السّياقات، يقلّل التّمكين الاقتصادي للمرأة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويزيد من المشاركة السياسيّة والاجتماعيّة والقيادة، ويسهّل الحدّ من مخاطر الكوارث.1
الوظائف
عندما تنجح المرأة في مجال العمل، تصبح في وضعيّة أفضل لممارسة قوّتها والتّمتّع بحقوقها. ولكن لن يفي أيّ عمل بالغرض، فيجب أن يكون العمل منتجًا ويطبّق ظروف معيّنة مثل الحرّيّة والإنصاف والأمن والكرامة. ومع ذلك، ينتمي حوالي 60 في المئة من النّساء العاملات إلى الاقتصاد غير الرّسمي، وترتفع هذه النّسبة في الدّول النّامية إلى حوالي 90 في المئة. وحتّى عندما تتمتّع المرأة بوظيفة، تتقاضى 80 سنتًا مقابل كلّ دولار يكسبه الرّجال في المتوسّط، ويتقاضى البعض حتّى أقلّ بما في ذلك النّساء ذوات البشرة الملونة والأمّهات. وإنّ عدم المساواة بين الجنسين في الدّخل وحده يكلّف العالم أكثر من ضعف قيمة النّاتج المحلّي الإجمالي العالمي من حيث ثروة رأس المال البشري.
وحين يتمّ اتّخاذ تدابير معيّنة مثل شفافيّة الأجور، والمساواة في الأجور مقابل العمل المتساوي القيمة، والوصول إلى خدمات الرّعاية، قد يساهم ذلك في الحدّ من الفجوات في الأجور بين الجنسين، ما يؤدّي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في إطار العمل.
وإنّ زيادة مشاركة المرأة الهادفة في القطاعات التي تتمثّل فيه تمثيلًا ناقصًا حاليًّا بما في ذلك قطاع العلوم والتكنولوجيا والهندسة أمر أساسي لتمكينها.
ويمكن أن يشهد العالم زيادة بنسبة 20 في المئة في النّاتج المحلّي الإجمالي من خلال سدّ الفجوات في الأجور بين الجنسين. علاوةً على ذلك، عندما تنجح رائدات الأعمال، يمكنهنّ خلق فرص عمل وتعزيز الابتكار.
الوقت
يحتاج كلّ فرد إلى العناية في حياته. ويعكس التّنظيم الاجتماعي الحالي للرّعاية تفاوتات عميقة في المكانة والسّلطة، وكثيرًا ما يستغلّ عمل النّساء والفتيات. في المتوسّط، تقضي النّساء حوالي ثلاثة أضعاف الوقت على ممارسة الرّعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي أكثر من الرّجال.
ويؤدّي التّباين بين الجنسين في أعمال الرّعاية غير المدفوعة الأجر إلى عدم المساواة، حيث يحدّ من وقت النّساء والفتيات وفرصهنّ في التعليم، ومن العمل اللّائق بأجر، ومن الحياة العامّة والراحة والترفيه.
لا تزال أعمال الرّعاية مقوّمة بأقلّ من قيمتها وبأجور منخفضة. وتبلغ القيمة النقدية لأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر للمرأة على مستوى العالم 10.8 تريليون دولار أمريكي على الأقل سنويًّا، أي ثلاثة أضعاف من قيمة قطاع التّكنولوجيا في العالم.
ويفيد الاستثمار في تحويل أنظمة الرّعاية على ثلاثة أصعدة: فهو يسمح للمرأة باستعادة وقتها كما يخلق وظائف في قطاع الرّعاية ويزيد الوصول إلى خدمات الرعاية لمَن يحتاج إليها. وتشير التّقديرات إلى أنّ سدّ الثّغرات القائمة في خدمات الرّعاية وتوسيع نطاق برامج العمل اللّائق قد يخلق ما يقرب من 300 مليون وظيفة بحلول عام 2035.
وعندما يُعتبر الحصول على الرّعاية حقًّا من حقوق الإنسان، وتتقاسم المسؤوليّة الدّولة من خلال توفير السّلع والخدمات العامّة، و القطاع الخاص من خلال توفير الدّعم مثل إجازة الأمومة ومرافق رعاية الأطفال، حينئذٍ يتمّ تمكين المرأة من المشاركة في سوق العمل الرّسمي لاستخدام وقتها لتوليد الدّخل.
الأمن
تواجه المرأة تهديدات عدّة لأمنها بما فيها العنف القائم على النّوع الاجتماعي والصّراعات وانعدام الأمن الغذائي والنّقص في الأمن الاجتماعي. ويشكّل العنف المنزلي أو العنف في مكان العمل انتهاكًا لحقوق المرأة ويعرقل مشاركتها الاقتصاديّة، حيث تقدّر التّكلفة العالميّة للعنف ضدّ المرأة بما لا يقلّ عن 1.5 تريليون دولار أمريكي أو ما يقرب من 2 في المئة من النّاتج المحلّي الإجمالي العالمي.
وبلغ عدد النساء والفتيات اللواتي يعشن في البلدان المتضرّرة من النزاع 614 مليون في عام 2022، ما يشكّل عددًا أكبر بنسبة 50 في المئة من العدد في عام 2017. ويمكن أن تؤدّي هذه الأزمات إلى تفاقم الفوارق الاقتصادية القائمة ، مثل نصيب المرأة غير المتناسب من أعمال الرّعاية غير المدفوعة الأجر. وتؤدّي الأزمات أيضًا إلى تعميق التّفاوت بين النّساء، فعلى سبيل المثال، تزيد احتمالات تعرّض النّساء المهاجرات للعنف بمقدار الضّعف مقارنة بالنّساء غير المهاجرات.
وتشير البحوث إلى أنّ نظم الحماية الاجتماعيّة المراعية للمنظور الجنساني مثل التّحويلات النّقديّة، يمكن أن تقلّل من معدّلات الوفيّات بين النّساء، ممّا يدلّ على الرّوابط بين التّمكين الاقتصادي والأمن. 1
وبغضّ النّظر عن الشّكل الذي يتّخذه انعدام الأمن، فإنّه يعيق تمكين المرأة اقتصاديًّا، ويحبسها في الفقر، ويمنعها من ممارسة حقوقها وإمكاناتها. ومن الضّروري الجمع بين مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك في القطاع الخاص، وتحدّي الأعراف الاجتماعيّة التي تقدّر المرأة على أنّها أدنى من الرّجل كجهات فاعلة اقتصاديّة.
الحقوق
تكمن حقوق الإنسان في صميم التّمكين الاقتصادي للمرأة. وتعمل الأنظمة الاقتصاديّة الأبويّة غير العادلة على إدامة عدم المساواة بين الجنسين، وتعيق الأعراف الاجتماعيّة التمييزيّة وصول المرأة إلى المعلومات والشبكات والوظائف والأصول.
وعلى الصّعيد العالمي، لا تتمتّع المرأة في المعدّل إلّا بنسبة 64 في المئة من الحقوق القانونيّة التي يتمتّع بها الرّجل. وتشمل الاستراتيجيّات الرّئيسيّة لتعزيز حقوق المرأة في سياق التّمكين الاقتصادي اعتماد قوانين وسياسات تدعم التمكين الاقتصادي للمرأة وإلغاء القوانين والأطر القانونيّة التمييزيّة.
ومع الاعتراف بالقيمة الجوهريّة للتّمكين الاقتصادي للمرأة، حيث تكمن حقوق الإنسان في جوهره، من المهمّ أيضًا مراعاة التّكاليف الباهظة للقيود المفروضة على التّمكين الاقتصادي للمرأة في المجتمعات والاقتصادات. وتزداد الحاجة إلى حماية المدافعات عن حقوق الإنسان ودعمهنّ، وإلى المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان. ويتطلّب ذلك توثيق انتهاكات حقوق المرأة، وجمع بيانات مصنّفة حسب النّوع الاجتماعي، وإقامة شراكات لبرامج الدّعوة المشتركة.
من الضّروري تطوير وتنفيذ آليات المساءلة لحماية حقوق المرأة وضمان تضخيم أصوات المرأة في جميع مجالات صنع القرار.