البحرين تشارك خبراتها في اجتماعات الصحة رفيعة المستوى
تطرق وكيل وزارة الصحة البحرينية خالد المانع في حوار مع "أخبار الأمم المتحدة" إلى الجهود التي تبذلها بلاده لتوفير التغطية الصحية الشاملة وبالأخص الرعاية الأولية.
تميز الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام بإقامة ثلاثة اجتماعات رفيعة المستوى ركزت على قطاع الصحة بما فيها مكافحة الجوائح والتغطية الصحية الشاملة ومكافحة مرض السل.
واعتمد القادة المجتمعون إعلانين سياسيين بشأن الوقاية من الجوائح الصحية ومكافحة مرض السل.
وكان من بين المشاركين في الاجتماعات، وكيل وزارة الصحة البحرينية، الدكتور وليد خليفة المانع الذي قال لأخبار الأمم المتحدة إنه تحدث أثناء الاجتماع رفيع المستوى بشأن الوقاية من الجوائح الصحية عن الركائز التي استندت إليها بلاده لمكافحة الأوبئة وبالأخص كوفيد-19.
وأكد أيضا أن الإعلان السياسي الذي تمخض عنه الاجتماع يؤكد على أهمية أن يكون هناك تكامل وتنسيق بين جميع البلدان في تحقيق مختلف الأهداف.
وتطرق وكيل وزارة الصحة البحرينية إلى الجهود التي تبذلها بلاده لتوفير التغطية الصحية الشاملة وبالأخص الرعاية الأولية.
وقال المانع إن بلاده تعكف على تطوير "مجمعات تجارية صحية"، فضلا عن اعتماد عدد من المدن البحرينية كمدن صحية، مشيرا إلى العمل الآن على تحويل المحافظات بأسرها وليس مجرد المدن، إلى "محافظات صحية".
وأكد أن وجود هذه المدن والمحافظات الصحية يعني الوصول على أعلى مستوى لتحقيق الهدف الثالث لأهداف التنمية المستدامة والمعني بالصحة الجيدة والرفاه للجميع.
أخبار الأمم المتحدة: لنتحدث أولا عن موضوع مكافحة الجوائح، ما هي الأفكار والتجارب التي شاركت بها البحرين في هذا المجال أثناء الأسبوع رفيع المستوى؟
الدكتور وليد المانع: بدأت بموضوع مهم جدا وهو التأهب والترصد والاستعداد بالنسبة للجوائح الصحية التي تحصل. ولعل الاستفادة من دروس كوفيد-19 الذي أصاب العالم بالكامل، كان درسا كبيرا لكل الدول. وضعت كل دولة استراتيجيات معينة حاولت من خلالها التقليل من أثر جائحة كوفيد-19 وأثرها على المجتمعات، والتي تفاوتت من دولة لأخرى. ولاحظنا في فترة تلك الجائحة أن الدول تساوت إلى حد ما بإمكانياتها، يعني حتى التي عندها إمكانات كبيرة قد تكون تأثرت بالكوفيد أكثر من غيرها.
وبالنسبة للبحرين، كان هناك نجاح كبير جدا ووثق هذا النجاح كذلك بمنظمة الصحة العالمية. كانت هناك معطيات للنجاح، وعلى أساسها تحدثنا عن الاستراتيجيات التي تسبق هذا النجاح.
وفي كلمتي الأولية، تحدثت عن الركائز التي اعتمدنا عليها لمكافحة مثل هذه الأمراض. والركيزة الأولية كانت الريادة في القيادة. كان عندنا فريق اسمه فريق البحرين وكان يرأسه ويشرف عليه بنفسه صاحب السمو رئيس الوزراء وولي العهد.
النقطة الثانية كانت الشفافية. فكان أمامنا تحد صعب في أن ننقل الصورة صحيحة كما وردتنا للتعامل مع الحدث. وقلنا إنه إن لم نكن شفافين في التعامل مع مثل هذه الجوائح، فلا نستطيع أن نضع الحلول لها كي نتجاوزها.
وكانت الاستراتيجية الثالثة هي الاعتماد على الحقائق وليس التوقعات. ويمكن أكثر فحوصات أجريت على مستوى العالم كانت في البحرين. هذا بالإضافة إلى التكامل والتنسيق مع كامل الأفراد في المجتمع سواء القطاع الخاص أو العام أو حتى المتطوعين الذين استفدنا منهم. وكان هناك تساو في التعامل مع جميع المقيمين في البحرين، وخاصة في موضوع توفير الأدوية واللقاحات حيث استطعنا توفير سبعة أنواع مختلفة من اللقاحات للمواطن والمقيم على حد سواء.
أخبار الأمم المتحدة: كيف يمكن البناء على تلك التجربة للمشاركة في الجهود العالمية لمواجهة أي جوائح مستقبلية، ونحن نعلم أنه تم تبني إعلان سياسي بشأن الوقاية من الجوائح الصحية في الاجتماع السياسي رفيع المستوى في هذا المجال؟
الدكتور وليد المانع: من ميزات ذلك الاجتماع رفيع المستوى، أن يكون هناك إعلان سياسي، وأن تقدم الدول دعمها لهذا الإعلان، وهذا أمر مهم جدا أن نتفق، لأن الدرس مهم للغاية. فلا يمكن لأي دولة أن تعمل بمفردها، بل يجب أن يكون هناك تكامل وتنسيق بين جميع البلدان في تحقيق الأهداف.
أعتقد أن هذا الإعلان السياسي يعد التزاما ودفعة كبيرة للبلدان لاعتمادها هذا الإعلان كتابيا أو قولا أو على حسب المشاركة، وأن يكون هناك دعم كبير للخطوات في هذا الصدد.
أخبار الأمم المتحدة: أثناء الاجتماع رفيع المستوى المعني بالتغطية الصحية الشاملة أكدتم أن البحرين تحرص على تقديم الخدمات الصحية من خلال مراكز الرعاية الصحية الأولية الموزعة جغرافيا في مناطق يسهل الوصول لها للمواطنين والمقيمين؟ هل تحدثنا أكثر عن تلك التجربة وأبرز التحديات في هذا المجال؟
الدكتور وليد المانع: عندما نتحدث عن التغطية الصحية الشاملة، تبرز قضية الرعاية الأولية لأنها من الخدمات التي تقدم وتكون قريبة من جميع الناس.
وفي البحرين، هناك مراكز صحية في كل المحافظات، ولعلها تكون من أكثر النسب. استراتيجيتنا قائمة على التركيز على الرعاية الأولية بالتوازن مع الرعاية الثانوية. وعندما نتحدث عن التحدي المالي أو التحدي الاقتصادي بالنسبة لكل دولة، دائما الرعاية الأولية تكون تكلفتها أقل من الرعاية الثانوية، لكن أثرها أكبر في تعزيز الصحة والوقاية، وبعض البرامج التي يجب أن تصل لجميع الناس والمواطنين في منازلهم كما قلت في الورقة التي طرحتها في الاجتماع.
تلتزم البحرين بالحق في الصحة من خلال خمس نقاط مهمة. النقطة الأولى أن يكون هناك توافر للخدمات، ونحن حريصون أن تتوافر الخدمات في كل مناطق البحرين. والنقطة الثانية أن تكون الخدمات متوافرة بجودة عالية، وسهولة الوصول إليها هي النقطة الثالثة. أما النقطة الرابعة فهي تقبل المجتمع. فكل مجتمع لديه هذا النوع من الخدمات، يقبل بها، وهو أمر مهم بالنسبة لنا.
والنقطة الأخيرة، هي العدالة أو المساواة، وأنا أقول العدالة أكثر منها المساواة. العدالة بين الناس جميعا في الحصول على الخدمات الموجودة في كل مكان.
ولهذا البحرين حصلت على جائزة في الرعاية الصحية الأولية لما تتميز به من خدمات تقدم للناس.
أخبار الأمم المتحدة: كانت البحرين أيضا في طليعة الدول التي طبقت برنامج المدن الصحية وانضمت بالفعل عدد من المدن البحرينية لقائمة المدن الصحية، كيف كان السبيل لتحقيق ذلك الهدف؟
الدكتور وليد المانع: أعتقد أن المدن الصحية هي باكورة عمل. المدن الصحية الفكرة منها أن تكون هذه المدينة لها القدرة أن تسهل للناس أن يصلوا لأعلى مستوى للصحة. فعندما نتحدث عن الهدف الثالث لأهداف التنمية والمعني بالصحة الجيدة والرفاه للجميع، يعني هذا الوصول إلى هذا الهدف بأعلى مستوى. ولا تصل لهذا الهدف بمن يعمل في مجال الصحة فقط، لكن تحتاج إلى خدمات اجتماعية ممتازة، تحتاج إلى خدمات اقتصادية ممتازة، وتحتاج إلى أناس يعملون مع بعضهم البعض.
البحرين من الدول السباقة في مجال المدن الصحية. وفي 2018، حصلت مدينة أم الحصم على اعتماد كأول مدينة صحية في البحرين، ثم أول عاصمة على مستوى الشرق الأوسط تصبح مدينة صحية هي المنامة عام 2021. وبعدها صار الحديث عن موضوع المدن الصحية قديما إلى حد ما حيث أصبحت الكثير من المدن مدنا صحيا. اليوم نتكلم عن المحافظة الصحية. فليس الأمر فقط مدينة داخل محافظة، بل المحافظة كلها يجب أن تكون صحية.
وهناك برنامج آخر بدأنا فيه منذ 2015 ونطور فيه، وهو المول الصحي أو المجمعات الصحية، وهي داخل تلك المدن، وهي فكرة بحرينية بحتة، بالاستعانة طبعا بالمكتب القطري للأمم المتحدة في البحرين ومنظمة الصحة العالمية بوضع معايير جديدة ومستحدثة للمول الصحي وللمدينة الصحية والمحافظة الصحية.
أخبار الأمم المتحدة: هناك أيضا اجتماع رفيع المستوى بشأن مكافحة مرض السل والذي تمخض عنه إعلان سياسي لمكافحة المرض الذي يحصد أرواح أكثر من مليون شخص سنويا، ما هي الجهود التي تبذلها وزارتكم في مكافحة هذا المرض القاتل؟
الدكتور وليد المانع: نحن ملتزمون بأهداف التنمية المستدامة، ولعل واحدة من الغايات الرئيسية للهدف الثالث تقليل نسبة الأوبئة، وتقليل نسبة السل بمقدار 80 في المائة في كل بلد. ونحن وصلنا إلى نسبة أعلى من 80 في المائة.
ونتعامل مع المرض كوباء قادم من الخارج، ولكن نتعامل معه بحذر شديد لأن مرض السل ليس مثلما كان سابقا. ولكن اكتشفت الآن بعض الأصناف من هذا المرض ذات المقاومة الشديدة للمضادات الحيوية. ولعل هذا تحد ليس للبحرين فحسب، بل للعالم بأسره.
ولهذا فإن الاجتماع رفيع المستوى يعد أمرا جيدا لطرح الأفكار. ومن بين هذه الأفكار ليس فقط السل السابق الذي نتكلم عنه، ولكن هناك إشكالية مضافة إليه. والإشكالية الثانية هي استخدام المضادات الحيوية التي يمكن أن ينتج عنها أنواع جديدة من السل تكون مقاومة للمضادات الحيوية. فمرض السل يمكن أن يعالج بسهولة. ولكن مع المقاومة يكون التحدي كبيرا لجميع البلدان.
وفي البحرين، وضعنا برامج للتعامل مع هذه النقطة أثبتت نجاحها، ويمكن أن نشاركها، ونحتاج كذلك للاستفادة من خبرات الغير.