الأمين العام للأمم المتحدة
كلمة في افتتاح "أيام العمل لمؤتمر القمة المعني بالمستقبل"
نيويورك، 21 سبتمبر 2024
أصحاب السعادة، الأصدقاء الأعزاء، مع الاحترام الكامل للبروتوكول،
أرحب بكم في " أيام العمل لمؤتمر القمة المعني بالمستقبل "، الذى انطلق يوم أمس بعد أمسية اليوم الشبابي، والذي كان مليئًا بالأفكار، والطاقة، والأمل، والتوقعات وهو تذكير مثالي لسبب وجودنا هنا.
ويعد اليوم بأن يكون بنفس الديناميكية
عندما ارى من حولي، أرى قادة العالم. أرى رؤساء البلديات والمشرعين. أرى المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأكاديميين، والفنانين، والنشطاء، والشباب.
أنتم تأتون من كل ركن من أركان العالم، ومن كل جيل، ومن كل مسار من مسارات الحياة.
أصدقائي، هذا ما يجب أن تبدو عليه التعددية الفعالة والشاملة والمتصلة.
قبل أربع سنوات، بدأنا العملية التي جلبتنا إلى هنا اليوم لأننا رأينا عالمًا يواجه المتاعب :
تمزقه النزاعات وعدم المساواة؛
يهدده فوضى المناخ والتكنولوجيا غير المنظمة؛
مع تعرض أهداف التنمية المستدامة للخطر - حيث أصبحت العديد من البلدان الآن غارقة في الديون الكارثية وأزمة تكلفة المعيشة.
رأينا مؤسساتنا المتعددة الأطراف تتداعى، غير قادرة على الاستجابة للتحديات المعاصرة، فضلاً عن تحديات الغد
رأينا تآكل الثقة في الحلول المتعددة الأطراف.
ورأينا الثقة بيننا تتلاشى في اللحظة التي كنا في أشد الحاجة إليها.
لذلك، بدأنا رحلة الإصلاح.
لتجديد النظام الدولي: بحيث يستجيب للحظة، ويكون جاهزًا للمستقبل.
نحتاج إلى تعددية أكثر شمولاً، وأكثر فعالية، وأكثر ترابطًا – مع روابط أقوى بين المؤسسات الدولية وبين الناس.
وهذا يعني تمثيلاً أكبر للدول النامية. ويعني صوتًا أقوى لكم جميعًا ولما تمثلونه.
لقد كان هذا الطموح متجذرًا في بعض الحقائق الواضحة.
العالم ملك لنا جميعًا. الناس يريدون أن يكون لهم رأي في القرارات التي تؤثر عليهم.
وفي حين أن الحكومات تتحمل المسؤولية الرئيسية التي لا ننكرها، لن نتمكن من حل المشكلات العالمية اليوم دون مساهمات من جميع قطاعات المجتمع:
من المجتمع المدني والشباب، الذين يقودون التغيير، ويعززون المساءلة، ويطالبون بالأفضل، ويقفون دفاعًا عن الحقيقة والعدالة – ويستخدمون التقنيات الجديدة لتنظيم العالم نحو الأفضل.
ومن الأعمال والتمويل وهما حاسمان في مكافحة أزمة المناخ وتشكيل مستقبلنا الرقمي لصالح الجميع.
ومن العلماء والمبتكرين والأكاديميين، الذين يدفعون حدود المعرفة ويطورون حلولاً للتحديات الكبرى التي نواجهها من الجوع والمرض إلى الكراهية عبر الإنترنت.
أصدقائي الأعزاء،
خلال السنوات الأربع الماضية، شارك الأشخاص في هذه القاعة وزملاؤكم حول العالم في العملية التشاورية الأكثر شمولاً التي قامت بها الأمم المتحدة على الإطلاق.
لقد رأينا مشاركة 1.5 مليون شخص من كل دولة من دولنا الأعضاء في النقاشات والمشاورات في كل مكان...
وقد قدمت المئات من منظمات المجتمع المدني مساهمات في "الميثاق المعني بالمستقبل"، و"الاتفاق الرقمي العالمي"، و"إعلان الأجيال القادمة"...
وآلاف المساهمات المكتوبة.
معًا دفعتم نحو الرؤية والطموح. وأشكركم على ذلك.
لدينا الآن ثلاث وثائق رئيسية على الطاولة.
يجب أن تفتح هذه الوثائق الباب أمام التغييرات التي يحتاجها عالمنا بشدة.
يجب أن يُمهد "الميثاق المعني بالمستقبل" الطريق للإصلاح:
إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي عفا عليه الزمن لجعله أكثر فعالية، وأيضًا أكثر تمثيلاً للعالم اليوم؛
إصلاح مؤسساتنا المالية الدولية بحيث تعزز الموارد من أجل التنمية المستدامة والعمل المناخي؛
إصلاح القواعد التي تحكم الفضاء الخارجي الذي يعاني حاليًا من فوضى عارمة؛
وإصلاح كيفية استجابتنا للصدمات العالمية المعقدة ونعمل معًا من أجل السلام والأمن.
من ناحية أخرى، يجب أن يكون "الاتفاق الرقمي العالمي" بمثابة مخطط لسد الفجوات الرقمية، وأول اتفاقية شاملة حول الذكاء الاصطناعي لتأسيس منصة عالمية مركزها الأمم المتحدة يمكن أن تجمع جميع الفاعلين.
أما "إعلان الأجيال القادمة"، فيجب أن يلتزم القادة بأخذ المستقبل بعين الاعتبار عند اتخاذهم قرارات اليوم.
ويجب أن تكون المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان خيطًا ناظمًا لكل جوانب هذه النصوص، حيث إنها أساس لكل جانب من جوانب الحياة.
أصحاب السعادة، الأصدقاء،
القضايا في صميم هذه النصوص كلعدالة، الحقوق، السلام، والمساواة كانت دائمًا هي التي تحرك عملي على مدار عقود وهي ما يدفعني قدمًا.
والشيء نفسه ينطبق على العديد منكم.
لن أتخلى عن هذا العمل، وأعلم أنكم لن تتخلوا عنه أيضًا.
لن تكون المصادقة على هذه النصوص نهاية الرحلة.
ستكون فقط نهاية البداية.