الأمين العام: السلام هو سبب وجود الأمم المتحدة
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن السلام هو سبب وجود الأمم المتحدة، واصفا الحالة في غزة بالجرح النازف في ضميرنا الجماعي.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الحياة عبارة عن جحيم مميت بالنسبة لملايين العالقين في الصراعات حول العالم، حيث تفر أرقام قياسية من الناس من منازلهم بحثا عن الأمان وهم يصرخون من أجل السلام، "وعلينا أن نسمعهم ونتخذ إجراء".
وقال الأمين العام إن السلام هو سبب وجود الأمم المتحدة التي تأسست للسعي من أجل السلام، "ولكن مع ذلك، فإن الشيء الوحيد المفقود بشكل كبير في عالم اليوم هو السلام بكل أبعاده"، مشيرا إلى أن السلام في عالمنا أصبح مهددا بسبب احتدام الصراعات وتزايد الانقسامات الجيوسياسية وتعمق الاستقطاب وانتهاك حقوق الإنسان وتفجر عدم المساواة. "وبينما نواصل إدماننا على الوقود الأحفوري، فإننا نسخر من أي فكرة للسلام مع الطبيعة".
وأكد الأمين العام أن الناس ينشدون السلام والأمن والكرامة، مشيرا إلى أن السلام هو المخرج الوحيد من الكثير من الأزمات المترابطة التي يشهدها عالمنا. وأضاف: "السلام هو أكثر من مجرد رؤية نبيلة. السلام هو صيحة عالية ودعوة للعمل. وواجبنا هو أن نعمل معا من أجل السلام بكافة أبعاده".
الوضع في غزة
وقال الأمين العام إن الحالة في غزة تشكل "جرحا نازفا في ضميرنا الجماعي يهدد المنطقة برمتها"، معربا عن الانزعاج بشكل خاص إزاء التقارير التي تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم التركيز في المرحلة التالية على رفح التي فر إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين في بحث يائس عن الأمان.
وحذر الأمين العام من أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يفاقم الكابوس الإنساني بشكل كبير مع عواقب إقليمية كبيرة. جاء ذلك في كلمة ألقاها غوتيريش في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، استعرض خلالها أولوياته للعام 2024.
وقال أنطونيو غوتيريش إنه ما من أمر يبرر الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وليس هناك أي مبرر للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. ونبه إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تسببت في الدمار والموت في غزة على نطاق واسع وبسرعة لا مثيل لهما منذ أن أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة.
وأكد أنطونيو غوتيريش أن الوقت حان لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، مشددا على ضرورة أن تؤدي هذه الخطوة بسرعة إلى إجراءات لا رجعة فيها نحو حل الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات السابقة.
الوضع في السودان واليمن وليبيا
كما تطرق الأمين العام إلى الوضع في أوكرانيا وبلدان منطقة الساحل والقرن الأفريقي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وهايتي وغرب البلقان.
وفي هذا السياق، شدد الأمين العام على ضرورة أن يتوقف القتال في السودان قبل أن يدمر المزيد من الأرواح وينتشر بشكل أكبر. وفي ليبيا، رغم صمود وقف إطلاق النار، فإن الشعب الليبي يستحق السلام والاستقرار المستدامين، بدءا بالالتزام بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وفي اليمن، ناشد غوتيريش جميع الأطراف التركيز على طريق السلام وتهدئة التوترات في البحر الأحمر على أساس مبدأ حرية الملاحة.
الاحتياجات الإنسانية تبلغ أعلى مستوياتها
ومع انتشار الصراعات، قال الأمين العام إن الاحتياجات الإنسانية العالمية بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق، لكن التمويل لا يواكب هذه الوتيرة. وأشار إلى أن العاملين في المجال الإنساني يعلمون على إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة في جميع أنحاء العالم. وأشاد بجهودهم البطولية وبعمال الإغاثة الذين قدموا التضحية القصوى، وكان آخرها، وبشكل مأساوي، في غزة.
وأكد على ضرورة أن نعمل على تعزيز وتجديد أطر السلام والأمن العالميين كي نتمكن من التعامل مع التعقيدات التي يفرضها عالم اليوم متعدد الأقطاب، "وهذا هو الأساس المنطقي لخطتنا الجديدة من أجل للسلام".
أسباب للأمل
UN Photo/Mark Garten
على الرغم من الاضطرابات التي نعيشها في عصرنا، يقول الأمين العام إن هناك أسبابا تدعونا للأمل. ففي قمة أهداف التنمية المستدامة التي عقدت في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، أقر زعماء العالم حوافز أهداف التنمية المستدامة والحاجة إلى إصلاحات بعيدة المدى للبنية المالية الدولية.
كما توصلت البلدان أيضا إلى اتفاق في العام الماضي بشأن معاهدة أعالي البحار لحماية التنوع البيولوجي البحري الثمين من التلوث والصيد الجائر. "نحرز بعض التقدم في مجال العدالة المناخية. وسوف يساعد صندوق الخسائر والأضرار - شريطة أن يتمتع بموارد جيدة - البلدان الضعيفة على التعافي من تأثيرات الطقس المتطرف".
وقال إن مجلس الأمن وافق على دعوتنا التي وجهناها منذ سنوات لدعم عمليات إنفاذ السلام ومكافحة الإرهاب التي يقودها الشركاء الإقليميون، ولا سيما الاتحاد الأفريقي، بتفويض من المجلس وبدعم من المساهمات المقررة. وأطلقت الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى الجديدة المعنية بالذكاء الاصطناعي محادثة عالمية حول الكيفية التي يمكن بها لهذه التكنولوجيا أن تفيدنا جميعا.
قمة المستقبل
وبالنظر إلى المستقبل، أشار أنطونيو غوتيريش إلى قمة المستقبل المقرر انعقادها في سبتمبر/أيلول، وقال إن لدينا فرصة لتشكيل تعددية الأطراف لسنوات قادمة. وأضاف: "عالمنا يحتاج بشدة إلى: إصلاح مجلس الأمن. إصلاح النظام المالي الدولي. المشاركة الهادفة للشباب في صنع القرار. ميثاق رقمي عالمي لتعظيم فوائد التقنيات الجديدة وتقليل المخاطر. ومنصة طوارئ لتحسين الاستجابة الدولية للصدمات العالمية المعقدة".
تزايد خطاب الكراهية والتمييز والتطرف
ونبه الأمين العام للأمم المتحدة إلى الانقسام الذي تشهده المجتمعات في جميع أنحاء العالم، بسبب تزايد خطاب الكراهية والتمييز والتطرف وانتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن معاداة السامية والتعصب ضد المسلمين واضطهاد الأقليات المسيحية وأيديولوجية تفوق العرق الأبيض كلها آخذة في الارتفاع.
كما أشار إلى أن الاستبداد آخذ في الازدياد فيما يتقلص الفضاء المدني وتتعرض وسائل الإعلام للهجوم. وقال الأمين العام إن التمييز ضد النساء والفتيات، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، يعدان من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا في عالمنا، وعزا ذلك إلى سببين أساسيين هما:
أولا، زيادة سرعة وانتشار المعلومات المضللة والكراهية بشكل كبير في العصر الرقمي. وقد ساعد السعي وراء الربح المتطرفين على زرع بذور الانقسام.
ثانيا، تعمل التفاوتات الحقيقية والمتصورة، والحرمان الاقتصادي، وسرعة التغير الاجتماعي والاقتصادي، على تغذية مخاوف الناس.
وقال أنطونيو غوتيريش إن الأمم المتحدة تدعم الجهود الرامية إلى تعظيم الاستثمارات في التماسك الاجتماعي وإعطاء الأولوية لأمن كل فرد. "ولهذا السبب ندعو إلى عقد اجتماعي متجدد، يقوم على الثقة والعدالة والإدماج ويرتكز على حقوق الإنسان. ونعمل على تعزيز دعوتي للعمل من أجل حقوق الإنسان".
وأضاف أن الأمم المتحدة تعمل على تعزيز المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة وقيادتها في جميع قطاعات المجتمع. "ونضغط على شركات التكنولوجيا لتحمل مسؤوليتها للتوقف عن تضخيم انتشار المعلومات المضللة السامة وغيرها من المحتويات الضارة".