الأمين العام يكشف عن "خطة جديدة للسلام" تعزز التنمية المستدامة
قال أنطونيو غوتيريش إن الموجز السياساتي الجديد يتمحور حول "المبادئ الرئيسية للثقة والتضامن والعالمية والتي تقع في صميم ميثاق الأمم المتحدة وإقامة عالم مستقر".
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة موجزا سياساتيا حمل عنوان "خطة جديدة للسلام" وتضمن رؤيته للجهود متعددة الأطراف للسلام والأمن استنادا إلى القانون الدولي في لحظة انتقالية يعيشها العالم.
وقال أنطونيو غوتيريش إن الموجز السياساتي الجديد يتمحور حول "المبادئ الرئيسية للثقة والتضامن والعالمية والتي تقع في صميم ميثاق الأمم المتحدة وإقامة عالم مستقر".
وأضاف أن الموجز السياساتي هو جزء من التزامه بربط العمل من أجل السلام بأهـداف التنمية المستدامة قائلا "إذا حققنا الرؤية التي وضعناها لخطة 2030، فإن عالمنا سيصبح أكثر سلاما وأمنا واستدامة".
وأوضح غوتيريش أن الحقبة الجديدة التي نعيشها الآن مشوبة بأعلى درجات التوتر الجيوسياسي والتنافس بين القوى الكبرى منذ عقود، وأن الدول الأعضاء باتت تشكك في جدوى النظام متعدد الأطراف بالنسبة لها. كما صارت انتهاكات القانون الدولي أكثر انتشارا.
وأشار أيضا إلى أن الصراعات أصبحت أكثر تعقيدا وفتكا وأكثر استعصاءً على الحل "حيث رأينا العام الماضي العدد الأعلى من الوفيات الناجمة عن الصراع في العالم منذ ثلاثة عقود".
وقال أيضا إن حالات الطوارئ المناخية صعدت من المنافسة على الموارد ورفعت منسوب التوترات، فضلا عن الغزو الروسي لأوكرانيا الذي جعل مواجهة تلك التحديات أمرا أصعب.
الوقاية والتصدي للمخاطر والانقسامات
واقترح الأمين العام في موجزه السياساتي 12 إجراءً تندرج ضمن خمس توصيات أساسية. أولى التوصيات هي الوقاية على الصعيد العالمي عبر التصدي للمخاطر الاستراتيجية والانقسامات الجيوسياسية.
وقال غوتيريش إن تقليل الخطر الوجودي الذي تشكله الأسلحة النووية يمثل أولوية عاجلة لكنه ليس كافيا، مشددا على ضرورة فعل كل شيء ممكن للقضاء على هذا الخطر عبر "إزالة الأسلحة النووية".
أما ثاني الإجراءات التي تندرج تحت التوصية الأولى فهي توطيد الدبلوماسية الوقائية في عصر يتسم بالانقسامات.
ودعا الأمين العام لاستخدام مقدرات الأمم المتحدة لجسر الانقسامات كي لا تتحول البشرية إلى حطام ثانوي للتنافس الجامح بين القوى الكبرى.
وأضاف أن "الأمم المتحدة باعتبارها المنصة العالمية الوحيدة، يجب أن تكون مركزا لهذه الجهود".
وقال أيضا إن الموجز السياساتي أوصى "بالاستثمار في الهياكل الأمنية الإقليمية القادرة على إعادة بناء الثقة بين الدول الأعضاء ودعم الدبلوماسية على المستوى العالمي".
United Nations
حدد الموجز السياساتي 12 إجراءً تندرج تحت خمس توصيات أساسية
منع نشوب النزاعات والعنف
أما التوصية الثانية فهي منع نشوب النزاعات والعنف والحفاظ على السلام.
وأفاد الأمين العام بأن هذه التوصية تدعو لتأسيس منظومة للوقاية تتصدى لكل أشكال العنف وتركز على الوساطة وتعزز اللُحمة الاجتماعية وتتمحور حول الصلة بين التنمية المستدامة والعمل المناخي والسلام، وترتكز على احترام حقوق الإنسان كافة بما فيها الحقوق المدنية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
وأضاف أن هذا الأمر يتطلب "رؤية شاملة لاستمرارية السلام وتوجه متكامل لتحديد أسباب الحروب ومنع نثر بذورها"، مؤكدا على أهمية تسريع وتيرة تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 حيث إن التنمية المستدامة ومنع النزاعات هما أمران مرتبطان ويعزز كل منهما الآخر.
ويوصي الموجز السياساتي أيضا بتحويل ديناميات السلطة في مجال السلام والأمن.
وقال الأمين العام إن الحكومات يجب أن تتخذ إجراءات من أجل ضمان مشاركة وقيادة هادفة للمرأة في صنع القرار، والقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء وتعزيز حقوقهن.
ويدعو الموجز السياساتي كذلك إلى خفض التكلفة البشرية للأسلحة عبر تعزيز حماية المدنيين في المناطق المأهولة بالسكان في مناطق النزاع وخفض النفقات العسكرية، وتجديد الجهود للحد من الأسلحة التقليدية، وزيادة الاستثمار في الوقاية والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية.
تعزيز عمليات حفظ السلام
أما الأولوية الثالثة التي تضمنها الموجز السياساتي فهي تعزيز عمليات حفظ السلام ومعالجة مسائل إنفاذ السلام.
وقال الأمين العام إن عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة تجسد في الواقع العملي مبدأ تعددية الأطراف الفعالة، لكن التحديات التي تشكلها النزاعات- التي طال أمدها دون أن تجد طريقها إلى التسوية بسبب عوامل محلية وجيوسياسية وعبر وطنية معقدة، وعدم التكافؤ بين التفويض والموارد- كشفت القيود التي تواجهها تلك البعثات.
وأضاف "لا يمكن أن تنجح عمليات حفظ السلام عندما لا يوجد هناك سلام لحفظه".
ويقترح الموجز السياساتي القيام بوقفة تأملية في حدود حفظ السلام ومستقبله في ضوء الطابع المتغير للنزاعات بغية التمكن من وضع نماذج لبعثات أكثر مرونة وقدرة على التكيف وفعالية، والقيام في الوقت نفسه بصياغة استراتيجيات للانتقال والخروج، حسب الاقتضاء.
ونبّه أيضا إلى أن انتشار الجماعات المسلحة غير التابعة للدول التي تنشط عبر الحدود تشكل تهديدا كبيرا ومتزايدا في عدة مناطق في أفريقيا، شأنه في ذلك شأن العوامل المحركة للنزاعات والأزمات الأخرى المتصلة بالتهديدات المتداخلة، ما يستلزم جيلا جديدا من بعثات إنفاذ السلام وعمليات مكافحة الإرهاب.
وتحدث غوتيريش عن التحديات التي تواجهها أفريقيا في هذا المجال قائلا: "لا توجد قارة أكثر احتياجا من أفريقيا لهذا الجيل الجديد من بعثات إنفاذ السلام"، مكررا دعوته لتشكيل بعثات لإنفاذ السلام وعمليات لمكافحة الإرهاب بقيادة الشركاء الأفريقيين وبتكليف من مجلس الأمن، بموجب الفصلين السابع والثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وبتمويل مضمون من خلال الأنصبة المقررة.
جنود من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحد يرفعون أعلام بلادهم
التعامل مع الذكاء الاصطناعي
وقال الأمين العام إن المجال الرابع الذي يركز عليه الموجز السياساتي هو منع استخدام المجالات الناشئة كسلاح وتشجيع الابتكار المسؤول، مشيرا إلى أن "الذكاء الاصطناعي والمخاطر البيولوجية الناشئة – والعلاقة المتشابكة بينهما – تشكل مجموعة من التهديدات التي تفوق الأطر الحاكمة الراهنة".
وأشار إلى أن الموجز السياساتي يقدم مقترحات للدول الأعضاء للتصدي إلى امتداد الأعمال العدائية للفضاءين الإلكتروني والخارجي.
ويوصي الموجز السياساتي بالإعلان بأن استهداف البنى التحتية الأساسية المعنية بتقديم الخدمات العامة ولأداء المجتمع وظائفه بالأنشطة السيبرانية الخبيثة محظور على الجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء.
وجدد غوتيريش ترحيبه بدعوات الدول الأعضاء والخبراء والعلماء في مجال الذكاء الاصطناعي بالنظر في تأسيس كيان دولي للتقليل من المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن، وحصد فوائده لتسريع وتيرة التنمية المستدامة.
ويدعو الموجز السياساتي إلى وضع استراتيجيات وطنية عاجلة بشأن تحري المسؤولية في تصميم وتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، بما يتفق مع التزامات الدول الأعضاء بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ووضع معايير وقواعد ومبادئ تتناول تصميم وتطوير واستخدام التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي من خلال عملية متعددة الأطراف، مع ضمان إشراك أصحاب المصلحة من الصناعة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني والقطاعات الأخرى.
تعزيز الحوكمة الدولية
أما التوصية الخامسة التي يتضمنها الموجز السياساتي فتتعلق بتعزيز الحوكمة الدولية، حيث يقترح بناء آلية للأمن الجماعي أكثر قوة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن العالم يحتاج إلى هياكل أمنية جماعية تعكس الواقع الجيوسياسي الحالي والمساهمات التي تقدمها المناطق المختلفة للسلام العالمي.
وتطرق إلى مقترح الموجز السياسي بإجراء إصلاحات عاجلة لمجلس الأمن كي يكون أكثر انصافا وتمثيلا، وإضفاء الطابع الديمقراطي على إجراءاته.
ويطرح الموجز السياساتي كذلك توصيات لتنشيط الجمعية العامة للأمم المتحدة وإصلاح آلية نزع السلاح والارتقاء بعمل لجنة بناء السلام.
وقال غوتيريش إنه "ينبغي لمجلس الأمن على وجه الخصوص، التماس مشورة اللجنة بصورة أكثر انتظاما بشأن الأبعاد المتعلقة ببناء السلام في ولايات عمليات السلام".
وشدد الأمين العام على أن التهديدات التي يواجها السلام الآن خلقت متطلبات جديدة مشيرا إلى أن الموجز السياساتي حول خطة جديدة للسلام "هو محاولتنا لتلبية تلك المتطلبات".
UN Photo/Manuel Elías
مجلس الأمن الدولي
موجزان سياسيان مرتقبان
وختم الأمين العام كلمته بالحديث عن الموجزين السياسيين المتبقين ضمن "خطتنا المشتركة" للأمم المتحدة وهما "تحويل التعليم" و"الأمم المتحدة 2.0" اللذين سيطلقهما قريبا.
وقال غوتيريش إن الموجز السياساتي بشأن تحويل التعليم يقترح تغييرا شاملا لأنظمة التعليم لتسليح الأفراد والمجتمعات بمهارات وقدرات وعقليات جديدة تتماشي مع "عالما الذي يتغير بسرعة".
أما الموجز السياساتي "الأمم المتحدة 2.0" فيطرح فيه الأمين العام رؤيته لأمم متحدة محدثة تستفيد من أرفع المهارات والتوجهات لتمكين الدول الأعضاء من تسريع وتيرة خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وقال الأمين العام "نعتزم تحويل الخبرات نحو المجالات الأكثر أهمية في القرن الـ 21 بما فيها البيانات والمجال الرقمي والابتكار والتنبؤ الاستراتيجي والعلم السلوكي".
وأضاف أن الهدف من موجزات السياسات هذه هو دعم التجهيزات لقمة المستقبل المزمع عقدها العام القادم.
يذكر أن الأمين العام يصدر سلسلة من الموجزات السياساتية بهدف توفير مزيد من التفاصيل بشأن بعض المقترحات الواردة في "خطتنا المشتركة"، وهي خطة أصدرها الأمين العام في 2012 وتعكس رؤيته لمستقبل التعاون الدولي.